د. مخيمر سعود أبو سعدة
يحق لنا أن نسأل أنفسنا في مثل هذا اليوم، ماذا قدمت الثورة الفلسطينية
المعاصرة لفلسطين؟ ماذا حققت الانتفاضات الفلسطينية الأولى عام 1987
والثانية عام 2000 للقضية الفلسطينية؟ هل اقتربنا أكثر أو أصبحنا بعيدين
عن الحلم الفلسطيني بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها
القدس؟ ما هو مصير الوحدة الوطنية الفلسطينية والتي بدونها سنفشل في تحقيق
طموحاتنا السياسية؟ وهناك الكثير من الأسئلة التي يسألها المواطن
الفلسطيني في هذه الذكرى الأليمة.
على الرغم من هذا الزلزال الذي أصاب الأمة العربية عام 1967، إلا أن الشعب
الفلسطيني خرج كالعنقاء من تحت الرماد يفجر الثورات والانتفاضات في وجه
الاحتلال الاسرائيلى. على الرغم من أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية
وقطاع غزة أصيب بالذهول من حجم الهزيمة والكارثة التي أصابت الأمة
العربية، واستكانت الأمور للاحتلال الاسرائيلى ليقوم بمصادرة الأراضي
وبناء المستوطنات، إلا أن الشعب الفلسطيني لم يدخر فرصة لمقاومة الاحتلال
وسياساته القمعية. فكانت معركة الكرامة في 21 مارس/آذار 1968، وكانت أحداث
بداية السبعينات من القرن العشرين حيث اعترفت قوات الاحتلال الاسرائيلى
بأنها تحكم قطاع غزة في النهار وتحكمه التنظيمات الفلسطينية في الليل. ولم
تمر إلا بضع سنوات حتى بدأت المقاومة الفلسطينية من لبنان في عام 1978.
وكانت معركة بيروت 1982، حيث صمدت منظمة التحرير الفلسطينية 88 يوما تحت
العدوان والحصار الاسرائيلى البرى والبحري والجوى.
وبعد الخروج من بيروت لم يكن أمام الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع
غزة إلا أن يفجر الانتفاضة الأولى في ديسمبر 1987 ضد الاحتلال والاستيطان
الاسرائيلى. لقد جاءت الانتفاضة كرد على سياسات الاحتلال التي اعتقدت بأن
خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وانتهاء الوجود المسلح هناك
سيقضى على أمال وطموحات الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال والعودة.
جاءت الانتفاضة لتأكد على أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة
لا يمكن فصله عن الشعب الفلسطيني في الشتات.
واستطاعت القيادة السياسية للشعب الفلسطيني أن تستغل هذه الانتفاضة بإعلان
الاستقلال في دورة المجلس الوطني الفلسطيني التاسعة عشرة في الجزائر 15
نوفمبر 1988. ولقد مهدت هذه الانتفاضة والتي استمرت ست سنوات لمفاوضات
سياسية بين منظمة التحرير الفلسطينية و(إسرائيل) والتي توجت باتفاق أوسلو،
اتفاق إعلان المبادئ في 13 سبتمبر 1993. وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق لم
يلبِ آمال الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال والعودة، إلا أنه أعاد
القضية الفلسطينية إلى الأرض الفلسطينية. فمنذ عام 1967 خاضت منظمة
التحرير الفلسطينية معاركها مع الاحتلال الاسرائيلى من خارج فلسطين. أما
الآن فقد انتقلت المعركة مع الاحتلال الاسرائيلى إلى الأرض الفلسطينية.
ومع مرور الوقت تكشفت النوايا الإسرائيلية من اتفاق أوسلو والتي لم تكن
صادقة في التوصل لتسوية سياسية للنزاع الفلسطيني الاسرائيلى على أساس
قرارات الشرعية الدولية وبما يحقق الثوابت الوطنية الفلسطينية. فعلى الرغم
من توقيع اتفاق أوسلو، إلا أن سياسة (إسرائيل) الاستيطانية لم تتوقف، علما
بأن الاتفاق يؤكد على عدم جواز قيام أي طرف بخطوات أحادية الجانب التي من
شأنها استباق مفاوضات الحل النهائي للصراع الفلسطيني الاسرائيلى. فقد
ازداد عدد المستوطنين إلى الضعف تقريباً في الفترة ما بين 1993- 2000.
الاستيطان الاسرائيلى وبناء الطرق الالتفافية ومحاولة شارون فرض سياسة
الأمر الواقع من خلال زيارته للمسجد الأقصى بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد
(2) في يوليو/تموز 2000، أدت إلى تفجر انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر/أيلول
2000.
انتفاضة الأقصى جاءت لتقول لا وألف لا للتنازل عن الحقوق والثوابت
الفلسطينية، والتمسك بالقدس كجزء من أي تسوية سياسية. لقد قدم الشعب
الفلسطيني خلال هذه الانتفاضة نماذج متقدمة من النضال والمقاومة والتي
فاقت توقعات الاحتلال الاسرائيلى. وعلى الرغم من الجدل الذي أثارته أدوات
المقاومة الفلسطينية، إلا أن الانتفاضة الفلسطينية استطاعت أن تنقل
المعركة مع الاحتلال إلى أرضه. فقد كانت النظرية العسكرية الإسرائيلية
تقوم على الحروب الخاطفة ونقل المعركة إلى أرض الدول العربية بأقصى سرعة،
إلا أن انتفاضة الأقصى كانت مختلفة بكل المقاييس. وعلى الرغم من حجم
الخسائر الفلسطينية البشرية والاقتصادية والنفسية، إلا أن صمود الشعب
الفلسطيني واستمراره في المقاومة فاق كل التوقعات وأضحت الانتفاضة
الفلسطينية نموذجاً يحتذى به في العالم اليوم.
مع كل الاحترام والتقدير لما قدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات ومعاناة على
مدار السنوات الماضية، إلا أنه يجب التأكيد على أن الوحدة الوطنية
الفلسطينية هي صمام الأمان لصمود وبقاء الشعب الفلسطيني. يجب القول وبكل
صراحة أن الأحداث والاشتباكات الداخلية الفلسطينية قد أضرت كثيرا بصورة
النضال الفلسطيني. والأخطر من ذلك أن استمرار مثل هذه الأحداث سوف يكون له
تداعيات سلبية وفى غاية الخطورة على مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني اليوم هو بحاجة لرص الصفوف ونبذ الاقتتال ومواجهة الأخطار
التي تحيط بالقضية الفلسطينية لأن معركتنا مع الاحتلال الاسرائيلى طويلة.
صادف في الخامس من يونيو/حزيران من هذا الشهر ذكرى مرور أربعين عاما على
الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية وقطاع غزة. في مثل هذا اليوم من عام
1967 قامت (إسرائيل) وبشكل فجائي بإعلان الحرب على ثلاث دول عربية مصر
وسوريا والأردن. وبانتهاء العمليات الحربية استطاعت (إسرائيل) أن تحتل شبه
جزيرة سيناء من مصر، هضبة الجولان من سوريا، واحتلال الضفة الغربية والقدس
وقطاع غزة. وبذلك فقد احتلت (إسرائيل) ما تبقى من فلسطين التاريخية، حيث
احتلت في عام 1948 78% من مساحة فلسطين التاريخية. حرب يونيو/حزيران
1967لا تقل عن الكارثة والنكبة التي حلت بالعرب بشكل عام والفلسطينيين
بشكل خاص عام 1948. فالعرب والفلسطينيون لم يخسروا ما تبقى من فلسطين فقط،
بل خسروا أيضا أجزاء من أراضى مصر وسوريا والأردن.
يحق لنا أن نسأل أنفسنا في مثل هذا اليوم، ماذا قدمت الثورة الفلسطينية
المعاصرة لفلسطين؟ ماذا حققت الانتفاضات الفلسطينية الأولى عام 1987
والثانية عام 2000 للقضية الفلسطينية؟ هل اقتربنا أكثر أو أصبحنا بعيدين
عن الحلم الفلسطيني بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها
القدس؟ ما هو مصير الوحدة الوطنية الفلسطينية والتي بدونها سنفشل في تحقيق
طموحاتنا السياسية؟ وهناك الكثير من الأسئلة التي يسألها المواطن
الفلسطيني في هذه الذكرى الأليمة.
على الرغم من هذا الزلزال الذي أصاب الأمة العربية عام 1967، إلا أن الشعب
الفلسطيني خرج كالعنقاء من تحت الرماد يفجر الثورات والانتفاضات في وجه
الاحتلال الاسرائيلى. على الرغم من أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية
وقطاع غزة أصيب بالذهول من حجم الهزيمة والكارثة التي أصابت الأمة
العربية، واستكانت الأمور للاحتلال الاسرائيلى ليقوم بمصادرة الأراضي
وبناء المستوطنات، إلا أن الشعب الفلسطيني لم يدخر فرصة لمقاومة الاحتلال
وسياساته القمعية. فكانت معركة الكرامة في 21 مارس/آذار 1968، وكانت أحداث
بداية السبعينات من القرن العشرين حيث اعترفت قوات الاحتلال الاسرائيلى
بأنها تحكم قطاع غزة في النهار وتحكمه التنظيمات الفلسطينية في الليل. ولم
تمر إلا بضع سنوات حتى بدأت المقاومة الفلسطينية من لبنان في عام 1978.
وكانت معركة بيروت 1982، حيث صمدت منظمة التحرير الفلسطينية 88 يوما تحت
العدوان والحصار الاسرائيلى البرى والبحري والجوى.
وبعد الخروج من بيروت لم يكن أمام الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع
غزة إلا أن يفجر الانتفاضة الأولى في ديسمبر 1987 ضد الاحتلال والاستيطان
الاسرائيلى. لقد جاءت الانتفاضة كرد على سياسات الاحتلال التي اعتقدت بأن
خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وانتهاء الوجود المسلح هناك
سيقضى على أمال وطموحات الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال والعودة.
جاءت الانتفاضة لتأكد على أن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة
لا يمكن فصله عن الشعب الفلسطيني في الشتات.
واستطاعت القيادة السياسية للشعب الفلسطيني أن تستغل هذه الانتفاضة بإعلان
الاستقلال في دورة المجلس الوطني الفلسطيني التاسعة عشرة في الجزائر 15
نوفمبر 1988. ولقد مهدت هذه الانتفاضة والتي استمرت ست سنوات لمفاوضات
سياسية بين منظمة التحرير الفلسطينية و(إسرائيل) والتي توجت باتفاق أوسلو،
اتفاق إعلان المبادئ في 13 سبتمبر 1993. وعلى الرغم من أن هذا الاتفاق لم
يلبِ آمال الشعب الفلسطيني في التحرر والاستقلال والعودة، إلا أنه أعاد
القضية الفلسطينية إلى الأرض الفلسطينية. فمنذ عام 1967 خاضت منظمة
التحرير الفلسطينية معاركها مع الاحتلال الاسرائيلى من خارج فلسطين. أما
الآن فقد انتقلت المعركة مع الاحتلال الاسرائيلى إلى الأرض الفلسطينية.
ومع مرور الوقت تكشفت النوايا الإسرائيلية من اتفاق أوسلو والتي لم تكن
صادقة في التوصل لتسوية سياسية للنزاع الفلسطيني الاسرائيلى على أساس
قرارات الشرعية الدولية وبما يحقق الثوابت الوطنية الفلسطينية. فعلى الرغم
من توقيع اتفاق أوسلو، إلا أن سياسة (إسرائيل) الاستيطانية لم تتوقف، علما
بأن الاتفاق يؤكد على عدم جواز قيام أي طرف بخطوات أحادية الجانب التي من
شأنها استباق مفاوضات الحل النهائي للصراع الفلسطيني الاسرائيلى. فقد
ازداد عدد المستوطنين إلى الضعف تقريباً في الفترة ما بين 1993- 2000.
الاستيطان الاسرائيلى وبناء الطرق الالتفافية ومحاولة شارون فرض سياسة
الأمر الواقع من خلال زيارته للمسجد الأقصى بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد
(2) في يوليو/تموز 2000، أدت إلى تفجر انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر/أيلول
2000.
انتفاضة الأقصى جاءت لتقول لا وألف لا للتنازل عن الحقوق والثوابت
الفلسطينية، والتمسك بالقدس كجزء من أي تسوية سياسية. لقد قدم الشعب
الفلسطيني خلال هذه الانتفاضة نماذج متقدمة من النضال والمقاومة والتي
فاقت توقعات الاحتلال الاسرائيلى. وعلى الرغم من الجدل الذي أثارته أدوات
المقاومة الفلسطينية، إلا أن الانتفاضة الفلسطينية استطاعت أن تنقل
المعركة مع الاحتلال إلى أرضه. فقد كانت النظرية العسكرية الإسرائيلية
تقوم على الحروب الخاطفة ونقل المعركة إلى أرض الدول العربية بأقصى سرعة،
إلا أن انتفاضة الأقصى كانت مختلفة بكل المقاييس. وعلى الرغم من حجم
الخسائر الفلسطينية البشرية والاقتصادية والنفسية، إلا أن صمود الشعب
الفلسطيني واستمراره في المقاومة فاق كل التوقعات وأضحت الانتفاضة
الفلسطينية نموذجاً يحتذى به في العالم اليوم.
مع كل الاحترام والتقدير لما قدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات ومعاناة على
مدار السنوات الماضية، إلا أنه يجب التأكيد على أن الوحدة الوطنية
الفلسطينية هي صمام الأمان لصمود وبقاء الشعب الفلسطيني. يجب القول وبكل
صراحة أن الأحداث والاشتباكات الداخلية الفلسطينية قد أضرت كثيرا بصورة
النضال الفلسطيني. والأخطر من ذلك أن استمرار مثل هذه الأحداث سوف يكون له
تداعيات سلبية وفى غاية الخطورة على مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني.
الشعب الفلسطيني اليوم هو بحاجة لرص الصفوف ونبذ الاقتتال ومواجهة الأخطار
التي تحيط بالقضية الفلسطينية لأن معركتنا مع الاحتلال الاسرائيلى طويلة.
صادف في الخامس من يونيو/حزيران من هذا الشهر ذكرى مرور أربعين عاما على
الاحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية وقطاع غزة. في مثل هذا اليوم من عام
1967 قامت (إسرائيل) وبشكل فجائي بإعلان الحرب على ثلاث دول عربية مصر
وسوريا والأردن. وبانتهاء العمليات الحربية استطاعت (إسرائيل) أن تحتل شبه
جزيرة سيناء من مصر، هضبة الجولان من سوريا، واحتلال الضفة الغربية والقدس
وقطاع غزة. وبذلك فقد احتلت (إسرائيل) ما تبقى من فلسطين التاريخية، حيث
احتلت في عام 1948 78% من مساحة فلسطين التاريخية. حرب يونيو/حزيران
1967لا تقل عن الكارثة والنكبة التي حلت بالعرب بشكل عام والفلسطينيين
بشكل خاص عام 1948. فالعرب والفلسطينيون لم يخسروا ما تبقى من فلسطين فقط،
بل خسروا أيضا أجزاء من أراضى مصر وسوريا والأردن.