فلسطين بين وعد بلفور ووعد بوش
عبد الغني الشامي
قبل تسعة عقود من الآن، وعندما تولى لويد جورج رئاسة الوزارة البريطانية،
وآرثر بلفور وزارة الخارجية، وكانا من الصهيونيين البارزين، حقق الأخير
حلم الصهيونية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ذلك من خلال الوعد
الذي منحه لهم والذي عرف باسم "وعد بلفور"، والذي اعتبر من أغرب الوثائق
الدولية في التاريخ، إذ منحت بموجبه دولة استعمارية أرضاً لا تملكها
(فلسطين) إلى جماعة لا تستحقها (الصهاينة) على حساب من يملكها ويستحقها
(الشعب العربي الفلسطيني)، مما أدى إلى اغتصاب وطن وتشريد شعب بكامله على
نحو لا سابقة له في التاريخ.
ومع هذا الوعد بدأت الثورات والانتفاضات الفلسطينية للتخلص من الاحتلال
بكل مسمياته، فكان ثورة عام 1919، وثورة عام 1936، مرورا بحروب 48 و67،
وثورة الفدائيين في السبعينات من القرن الماضي، وانتفاضة الحجارة عام
1987م، وهبة الأقصى والنفق، والأسرى، وليس انتهاءا بانتفاضة الأقصى، على
طريق الانتفاضة الثالثة المرتقبة.
وفي ظل هذه الثورات والانتفاضات التي لم يتوقف عنها الشعب الفلسطيني
للتخلص من الاحتلال طوال قرن من الزمان كانت هناك المبادرات والوعود
والاتفاقيات من اجل إطالة عُمر الاحتلال قدر الإمكان وإحباط هذه الثورات
بمسمياتها المختلفة، حيث طرحت العديد من المشاريع كانت تتركز على أمرين
رئيسين: إنهاء قضية اللاجئين من خلال مشاريع التوطين الكثيرة التي أفشلها
الفلسطينيون، والقضاء على المقاومة التي تواصلت رغم كل هذه المشاريع.
ويعد "وعد بوش" قبل عامين بمنح الفلسطينيين دولة إلى جانب دولة (إسرائيل)
أحد الوعود التي صدقها بعض الفلسطينيين وساروا وراء السراب لاهثين خلف
لقاء انابوليس، ظنا منهم أنهم ممكن أن يحصلوا على شيء من هذا الرجل
الضعيف، والذي يريد أن يُلمع صورته وصورة حزبه قبل الانتخابات الأمريكية
بعد فشله في العراق وفي أفغانستان.
وفي هذه الذكرى الأليمة على كل فلسطيني وعربي ومسلم نذكر أن كل هذه
المشاريع لن تُنسي الشعب الفلسطيني أرضه فلسطين من بحرها إلى نهرها،
ونذّكر أن الشعب الفلسطيني الذي كان تعداده عند صدور هذا الوعد المشئوم
نصف مليون نسمة فقط، وصل اليوم تعداده إلى عشرة ملايين موزعين في فلسطين
ومخيمات الشتات، يعلمون أطفالهم أن لهم أرضا محتلة في يافا، وحيفا،
والقدس، وعسقلان، والنقب، وانه لا يوجد شيء اسمه "تل أبيب"، ولا نتانيا،
ولا بيت شان، إنما "تل الربيع"، و"أم خالد" وبيسان.
فإذا كان وعد بلفور قبل 90 عاما أعطى اليهود دولة في فلسطين، فإن وعد بوش
اليوم هو لإطالة عمر الاحتلال 90 عاما آخر، من خلال المسكنات التي تُعطى
للقضية الفلسطينية، ولن يكون لإعطاء الفلسطينيين دولة، فما انتزع بالقوة
لا يسترد إلا بالقوة.
عبد الغني الشامي
قبل تسعة عقود من الآن، وعندما تولى لويد جورج رئاسة الوزارة البريطانية،
وآرثر بلفور وزارة الخارجية، وكانا من الصهيونيين البارزين، حقق الأخير
حلم الصهيونية في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ذلك من خلال الوعد
الذي منحه لهم والذي عرف باسم "وعد بلفور"، والذي اعتبر من أغرب الوثائق
الدولية في التاريخ، إذ منحت بموجبه دولة استعمارية أرضاً لا تملكها
(فلسطين) إلى جماعة لا تستحقها (الصهاينة) على حساب من يملكها ويستحقها
(الشعب العربي الفلسطيني)، مما أدى إلى اغتصاب وطن وتشريد شعب بكامله على
نحو لا سابقة له في التاريخ.
ومع هذا الوعد بدأت الثورات والانتفاضات الفلسطينية للتخلص من الاحتلال
بكل مسمياته، فكان ثورة عام 1919، وثورة عام 1936، مرورا بحروب 48 و67،
وثورة الفدائيين في السبعينات من القرن الماضي، وانتفاضة الحجارة عام
1987م، وهبة الأقصى والنفق، والأسرى، وليس انتهاءا بانتفاضة الأقصى، على
طريق الانتفاضة الثالثة المرتقبة.
وفي ظل هذه الثورات والانتفاضات التي لم يتوقف عنها الشعب الفلسطيني
للتخلص من الاحتلال طوال قرن من الزمان كانت هناك المبادرات والوعود
والاتفاقيات من اجل إطالة عُمر الاحتلال قدر الإمكان وإحباط هذه الثورات
بمسمياتها المختلفة، حيث طرحت العديد من المشاريع كانت تتركز على أمرين
رئيسين: إنهاء قضية اللاجئين من خلال مشاريع التوطين الكثيرة التي أفشلها
الفلسطينيون، والقضاء على المقاومة التي تواصلت رغم كل هذه المشاريع.
ويعد "وعد بوش" قبل عامين بمنح الفلسطينيين دولة إلى جانب دولة (إسرائيل)
أحد الوعود التي صدقها بعض الفلسطينيين وساروا وراء السراب لاهثين خلف
لقاء انابوليس، ظنا منهم أنهم ممكن أن يحصلوا على شيء من هذا الرجل
الضعيف، والذي يريد أن يُلمع صورته وصورة حزبه قبل الانتخابات الأمريكية
بعد فشله في العراق وفي أفغانستان.
وفي هذه الذكرى الأليمة على كل فلسطيني وعربي ومسلم نذكر أن كل هذه
المشاريع لن تُنسي الشعب الفلسطيني أرضه فلسطين من بحرها إلى نهرها،
ونذّكر أن الشعب الفلسطيني الذي كان تعداده عند صدور هذا الوعد المشئوم
نصف مليون نسمة فقط، وصل اليوم تعداده إلى عشرة ملايين موزعين في فلسطين
ومخيمات الشتات، يعلمون أطفالهم أن لهم أرضا محتلة في يافا، وحيفا،
والقدس، وعسقلان، والنقب، وانه لا يوجد شيء اسمه "تل أبيب"، ولا نتانيا،
ولا بيت شان، إنما "تل الربيع"، و"أم خالد" وبيسان.
فإذا كان وعد بلفور قبل 90 عاما أعطى اليهود دولة في فلسطين، فإن وعد بوش
اليوم هو لإطالة عمر الاحتلال 90 عاما آخر، من خلال المسكنات التي تُعطى
للقضية الفلسطينية، ولن يكون لإعطاء الفلسطينيين دولة، فما انتزع بالقوة
لا يسترد إلا بالقوة.