القول الفصل فيما ليس له أصل في أحكام الصيام
الحمدلله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد:
أولا: في الأحكام:
- لا أصل لما يقال: "إنه لا يجوز الأكل بعد النية في الصيام ليلا".
والحكم: أنه لو نوى بعد المغرب أن يصوم يوم غد يجوز له أن يأكل ويشرب ويجامع إلى ما قبل طلوع الفجر.
- لا أصل لما يقال: "إن من نام طيلة النهار وهو صائم فإن صيامه لا يصح".
والحكم:
أنه إن نوى الصيام ثم نام قبل الفجر ولم يستيقظ حتى دخول المغرب فصيامه
صحيح ولا إثم عليه حتى ولو فاتته الصلوات الخمس إن لم يستيقظ أو لم يوقظه
أحد ضمن وقت الصلاة فهذا مرفوعٌ عنه القلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"وعن النائم حتى يستيقظ".
- لا أصل لما يقال: "إن الزواج في شهر رمضان حرام أو مكروه".والحكم:
أن الزواج في شهر رمضان حلال ولا كراهية فيه فيجوز أن يخطب ويعقد ويجامع
شرط مراعاة أحكام الصيام ومن مراعاة أحكام الصيام أن لا يجامع أثناء
النهار. ولا بأس بتأخير الزفاف إلى ما بعد شهر رمضان خشية اندفاع العروسين
الجديدين إلى ما يُفطّر الصائم.
- لا أصل لما يُقال: "إن شهر رمضان يُعرف دخوله بحساب المُنجّمين".
والحكم:
أنه لا يُعرف دخول رمضان شرعا إلا برؤية الهلال لقوله صلى الله عليه وسلم:
"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته" وعلى ذلك انعقد الإجماع ولا يلتفت لمخالفة
بعض العصريين لهذا الحكم.
الحمدلله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد:
- لا أصل لما يُقال: "إن الغيبة تُفطّر الصائم".
والحكم:
مع كون الغيبة معصية بلا شك لكنها ليست مُفطّرة، قال الإمام أحمد بن حنبل
رحمه الله: "لو كانت الغيبة تُفطّر الصائم لما صحّ لنا صوم".
- لا أصل لما يقال: "إن الزكاة لا تكون إلا في شهر رمضان".والحكم:
أن الزكاة تجب إذا حال الحول على النِصاب في المال الحولي أي انقضى على
وجوده في ملكه عام قمري فيجب عليه أداء الزكاة سواء كان ذلك في رمضان أو
شعبان أو رجب أو أي شهر. وإن أخّر بغير عذر فقد عصى فإن تأخير الزكاة
حرام، قال الله تعالى: {وءاتوا حقّه يوم حصاده} [سورة الأنعام].
- لا أصل لما يقال: "لا يصح الصوم من غير صلاة، ويقولون الصائم بلا صلاة كالراعي بلا عصا".والحكم:
هذا الكلام خلاف الدين فالصوم يصح ما لم يرتكب الصائم أيّا من المفطرات
كتناول الطعام أو الشراب أو الجماع أو الوقوع في الردة عن الإسلام. تارك
الصلاة يرتكب كل يوم خمس كبائر بسبب تركه للصلاة لكن ذلك لا يؤثر على صحة
الصوم. حتى إن بعض الناس والعياذ بالله إن رأوا امرأة لا تستر رأسها عند
خروجها من البيت وتكون مداومة على الصلاة وتراعي أحكام الصلاة، هذه يقولون
عنها لا تصح صلاتها فهذا الكلام لا أصل له البتة ما قال ذلك أحد من أئمة
المسلمين.
- لا أصل لما يقال شم الورد يفطر الصائم
والحكم: أن مطلق الشم للورد وغيره من الروائح الطيّبة أو الخبيثة لا يُفطر ما لم يُدخل شيء له حجم من منفذ مفتوح إلى الجوف
الحمدلله وصلى الله وسلم على رسول الله وبعد:
- لا أصل لما يفعله بعض الناس حيث يأكلون قبل النوم في أول الليل على أن هذا الطعام هو سحور.
والحكم:
أن السحور يكون في وقت النصف الثاني من الليل وليس في أي وقت من الليل فمن
أراد أن ينال بركة السحور فعليه أن يأكل ضمن الوقت المخصص لهذا الأمر
والوقت هو من منتصف الليل إلى الفجر ويحصل التسحر ولو بجرعة ماء.
- لا أصل لما يُقال "إنه من أوتر فلا يصح أن يصلي بعده شيئا" أو: "لا يُصلى بعد الوتر".
والحكم:
يجوز أن تختم صلاتك بالليل بالوتر أو بمطلق نافلة أو بقضاء صلاة فلذلك لا
يُقال: "لا تصح صلاة بعد الوتر"، ولا يقال: "لا يُصلى بعد الوتر نافلة"،
لكن لا يصح وتران في ليلة لحديث: "لا وتران في ليلة".
- لا أصل لما يقال: "بلع الريق يفطّر الصائم".
والحكم أن بلع الريق لا يفطر الصائم، فبعض الناس يبصقون دائما لما يصومون مخافة أن يفطروا بزعمهم هذا من شدّة جهلهم.
- لا أصل لما يقال: "إن قلع الضرس يفطر".
والحكم: لا يفطر من قلع ضرسه إلا إذا ابتلع دما ولو قليلاً بإرادة، أما إن بلع مغلوبا فلا يؤثر.
- لا أصل لما يفعله كثير من الناس حيث يُمسِكون ويفطرون لمجرد سماعهم الأذان في هذه الأيام.
والحكم:
لا يجوز لمن أراد الإمساك أو الإفطار الاعتماد على صوت المؤذن غير التقي
وحده في المسجد أو في الإذاعة أو في التلفزيون لأن وقت الفجر له علامات
ووقت المغرب له علامات ولا يُعتمد على أذان غير التقيّ. أما المؤذنون
فيغلب على كثير منهم اليوم الجهل بأحكام دخول الوقت، فبعضهم يؤذن قبل دخول
الوقت ولو بلحظة وكذلك أجهزة الإعلام، فعلى من أراد الإلتزام بالشرع أن
يتحرّى دخول الوقت بحيث يطمئن قلبه وليس بمجرد سماع المؤذن غير الثقة. ولو
قال قائل: أليس من السنة التعجيل بالإفطار؟ فالجواب: بلى ولكن التعجيل
بالإفطار لا يكون قبل دخول الوقت بل عندما يطمئن من دخول الوقت يبادر
للإفطار.
- لا أصل لما يقال: "إن الجماع في ليل رمضان حرام".
والحكم: الجِماع حرام أثناء الصيام وليس بعد الإفطار، فبعد دخول المغرب للصائم أن يأكل ويشرب ويُجامع إلى ما قبل دخول الفجر.
والله تعالى اعلم واحكم