كثرة النسيان وآلام الرأس .. ما علاج ذلك؟
الســؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكو من
كثرة النسيان، وآلام شبه مستمرة بالرأس، وتحديدا مقدم الجبهة، وذلك منذ
فترة طويلة، وقد تكون أسبابها في البداية ناجمة عن صراع نفسي بسبب مشاكل
مختلفة، فأرجو إفادتي بما يكون فيه حل إن شاء الله لهذه المشكلة.
وجزاكم الله خير الجزاء.
الجـــواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن كثرة
النسيان أو ضعف التركيز له أسباب عضوية وأسباب نفسية، وأنت لم توضح عمرك
ولكني أحسب أنك لا زلت في مراحل الشباب؛ لأن العمر يعتبر مؤشرا ضروريا
لتحديد الأسباب إن كانت عضوية أو نفسية، فيعرف أن ضعف الذاكرة بعد عمر
الستين قد تكون ظاهرة طبيعية أو قد يكون مؤشرا لبدايات ما يعرف بعلة
الزهايمر alzheimer أو الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى فقدان الذاكرة، كما
أن الاكتئاب النفسي يأتي كثيرًا بعد عمر الأربعين أو عند هذا العمر،
والاكتئاب النفسي من المسببات الأساسية لضعف الذاكرة وعدم القدرة على
التركيز.
وهناك
أسباب عضوية أخرى مثل ضعف إفراز الغدة الدرقية، هذا ربما يؤدي إلى النسيان
وضعف التركيز أيضًا، لذا ننصح دائمًا لإجراء فحص ليتم تحديد نشاط الغدة
الدرقية، وهذا الفحص سهل ومتيسر.
ومن
الأسباب النفسية التي تؤدي إلى كثرة النسيان هو القلق النفسي، وهذا أصبح
شائعًا، وأعتقد أن هذا هو السبب في حالتك، لأنك تعاني من صداع مستمر في
مقدمة الرأس وهو مرتبط في بعض الأحيان بحالتك النفسية، وهذا النوع من
الصداع نسميه بالصداع العصبي لأنه ناتج من شد عضلي، وهذا الشد العضلي يكون
سببه التوتر النفسي، فهذا هو السبب الأهم في نظري، ولكن بالرغم من ذلك
نقول أنه من الأفضل دائمًا التأكد من النظر وكذلك وضع الأسنان والأذنين
والجيوب الأنفية، لأن هذه كلها قد تؤدي إلى هذا النوع من الصداع.
وفي بعض
الحالات إذا كان الصداع مستمرا لفترة طويلة نطلب إجراء صورة مقطعية حتى
نتأكد التأكيد القاطع أنه لا توجد علة بالدماغ، والذي ذكرته لك أرجو أن لا
يزعجك مطلقًا، هذه مجرد حقائق علمية وددت أن أطلعك عليها، وأرجع وأقول لك
أن حالتك حالة ناتجة من القلق وليس أكثر من ذلك.
وعليه
أنصحك بأن تحاول مواجهة المشاكل والصعوبات النفسية التي ذكرتها، وتذكر أن
الصعوبات في الحياة موجودة وأن الإنسان قد تأتيه عثرات، وهذه ليست نهاية
المطاف، فالإخفاقات إن شاء الله دائمًا تتبعها النجاحات، والفشل في بعض
الأحيان قد يُحسن من أداء الإنسان ليصبح أكثر إيجابية، والمشاكل عامة هي
دافع للإنسان في كثير من الأحيان يتحمل مسئولياته حيال نفسه وحيال
الآخرين، وهذا يجعل الإنسان يحس بكينونته وبوجوده وبفعاليته يشعر معنىً
لحياته، أقصد بذلك أن الإنسان حين يساهم في حل المشاكل هذا أمر سوف يعود
عليه بفوائد إيجابية كبيرة.
والمشاكل
تواجه بالصبر وتواجه بالحكمة، وليس من الضروري أن نحلها جميعًا، فهناك بعض
المشاكل لا يحلها إلا مع مرور الزمن، وهناك بعض المشاكل لا بد أن تكون
هنالك مساهمات من الآخرين حتى تنتهي هذه المشاكل، فأرجو أن لا تحمل نفسك
فوق طاقتك، ولكن في نفس الوقت اجتهد لحل الصعوبات الحياتية التي تواجهك،
لأن إزالة الأسباب من أفضل شروط العلاج والتحسن النفسي التي نوصي بها
دائمًا.
كما أن حل
المشاكل يعتبر فيه نوع من التفريغ النفسي الداخلي، والتفريغ النفسي مطلوب
لإزالة الاحتقانات النفسية الداخلية التي تؤدي إلى الشعور بالقلق والتوتر
وربما عسر المزاج وكذلك الاكتئاب النفسي.
وسيكون من
الجيد دائمًا أن تكون إيجابيًا في تفكيرك وأن تتذكر إنجازاتك حتى وإن كانت
بسيطة، فهذه أيضًا تفيد في إزالة القلق وتحسين الصحة النومية.
وأود منك
أن تجعل لنفسك برنامجًا رياضيًا يوميًا، لأن الرياضة تحسن من التركيز
وتزيل القلق وتقضي إن شاء الله على الطاقات النفسية السلبية، ومن أفضلها
رياضة المشي أو الجري أو حتى ممارسة لعبة كرة القدم أو أي رياضات أخرى،
فأرجو أن تعطي هذا الأمر أهمية خاصة.
وأنصحك
أيضًا أن لا تنام على وسادة مرتفعة، وتأكد أن المخدة التي تنام عليها من
النوع غير السميك وأنها مريحة، فهذا مهم لأن الإنسان إذا وضع الرأس
والرقبة في علو وارتفاع هذا يؤدي إلى الانشداد العضلي والذي يتولد منه
الصداع.
بقي أن أصف
لك أحد الأدوية التي نراها جيدة وفعالة لإزالة القلق والتوتر، الدواء يعرف
تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم
(سيرترالين Sertraline)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا
(حبة واحدة) ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة
لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.
هذا الدواء
ليس من الأدوية المحسنة للذاكرة بصورة مباشرة، ولكنه يحسن الذاكرة
والتركيز بصورة غير مباشرة وذلك عن طريق إزالة القلق والتوتر وتحويل
المزاج إلى مزاج استرخائي، وهذا يكون عائده إن شاء الله إيجابيًا على صحتك
النفسية.
وحاول أن
تقرأ بعض المواضيع القصيرة وتقررها أكثر من مرة ثم بعد ذلك حاول أن
تستذكرها، هذا يحسن إن شاء الله من الذاكرة، واجعل لنفسك أيضًا نوعا من
التمارين التي تساعد في رياضة الذهن، وذلك بأن تحاول أن تحفظ أرقام بعض
التليفونات لأصدقائك مثلاً، فنحن نعرف أن استعمال الموبايل – الجوال – قد
أضر كثيرًا بالناس في هذا السياق، فقد كانوا في الماضي يحفظون أرقام
تليفوناتهم، ولكن الآن قل من يقوم بذلك، فأود منك كنوع من التمرين الذي
يساعدك في التذكر أن تحفظ عدة أرقام تليفونات، هذا يساعدك إن شاء الله
ويعطيك الثقة في أن ذاكرتك ومقدرتك على الحفظ هي أفضل مما كنت تتصور.
لقد وجد
أيضًا أن قراءة القرآن الكريم والمحافظة على تلاوته والسعي في حفظه تقوي
من الذاكرة ومن التركيز، فأرجو أن تجعل لنفسك وردًا يوميًا من القرآن
الكريم وأن تسعى للحفظ أيضًا، فهذه هي الإرشادات التي أود أن أوجهها لك،
وختامًا نشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء
والعافية.
وبالله التوفيق.
المجيب : د. محمد عبد العليم
المصدر الشبكة الإسلامية
http://www.islamweb.net/ver2/istisha....php?id=431161