مجلة العودة - العدد السابع - نيسان (إبريل) 2008م
تقع قرية دير ياسين على بعد كيلومتر واحد إلى الغرب من
مدينة القدس، وترتبط معها بطريق معبدة من الدرجة الثالثة، تحيط بها قرى
القسطل لفتا وقالونيا وعين كارم والمالحة. وتحيط بها المستعمرات اليهودية
من ثلاث جهات من الشرق (بيت فيغانو مونتفيوري) ومن الشمال إلى الشرق
(غفعات شاؤول) ومن الجنوب مستعمرة (يفتوف) ومن الغرب أراضي (موتسا وارزا).
كانت القرية تقع على المنحدرات الشرقية لتلة يبلغ ارتفاعها
نحو 780م، وقد انتشرت بيوتها على السفوح وأحاطت بها الأشجار المثمرة
وأشجار الصنوبر.
كانت مساحة أراضي دير ياسين عام 1945 تبلغ (2857 دونماً) أقيمت القرية على اثني عشر دونماً منها.
دير ياسين ذلك الجرح النازف. دير ياسين ذالك التاريخ
الفارق في القضية الفلسطينية، كنت أتساءل لماذا التركيز وتسليط الضوء على
هذه المجزرة أكثر من غيرها من المجازر. فهناك ما يساويها في عدد الضحايا
كمجزرة الطنطورة. بل هناك من المجازر ما يفوقها في عدد الضحايا مثل مجازر
اللد والرملة والدوايمة، وقد زاد عدد ضحايا كل منها عن 450 ضحية، ولكن
عندما اطلعت على تفاصيل تلك المجزرة ومن الشهادات العربية والصهيونية
ذاتها أدركت لماذا دير ياسين.
المجزرة
صباح يوم الجمعة الواقع فيه 9 نيسان/ أبريل 1948، بعد
الهجوم على قرية القسطل المجاورة واستشهاد القائد عبد القادر الحسيني،
قامت قوات من عصابات الأرغون وشتيرن بتفخيخ بيوت قرية دير ياسين
بالديناميت وهكذا استولوا عليها عن طريق تفجيرها بيتاً بيتاً. وبعد أن
انتهت المتفجرات لديهم قاموا بتمشيط المكان من آخر عناصر المقاومة عن طريق
القنابل والمدافع الرشاشة، حيث كانوا يطلقون النيران على كل ما يتحرك داخل
المنزل من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، بعد ذلك أخذوا يطرقون أبواب البيوت
ويخرجون من بداخلها، واتبع اليهود في ذلك أسلوب الخداع. فقد كانوا يرتدون
الملابس العربية والكوفيات التي يجدونها في أثناء تفتيشهم للبيوت، لكي
يتسللوا إلى مواقع المقاتلين دون أن يشك بهم أحد واقتادوا فريقاً من رجال
القرية ونسائها وأطلقوا عليهم النار فقُتلوا على الفور، كما استخدموا
السلاح الأبيض في اعتداءاتهم، وقد كان معظم الضحايا من الأطفال والنساء
وقد مثل المجرمون بجثث الضحايا تمثيلاً شنيعاً بعد نزع الملابس عنهم.
وانتزعوا الحلي من أيدي النساء وتمكن بعض السكان من الإفلات والتجأوا إلى
القرى العربية المجاورة.
أما من بقي من النساء والأطفال فقد ساقهم المجرمون
واستعملوا معهم الفظاظة المتناهية ووضعوهم في عدد من سيارات الشحن وبينهم
الجرحى وقد نزعوا الملابس عن النساء وطافوا بهن في السيارات في الأحياء
اليهودية حيث اعتدي عليهم من قبل المستوطنين. ومن ثم أُنزلوا عند مدخل (حي
مئاشعاريم) ويقدر عددهم بمئتين كانت حالتهم يرثى لها.
شهادات على المجزرة
أكد مائير باعيل قائد الوحدات الخاصة في (الهاغاناه)،
ليديعوت أحرونوت أنه بعد مغادرة رجال (البلماح) بدأ رجال (الأرغون وشتيرن)
المجزرة، رجال ونساء وأطفال قتلوا دون تردد مصفوفين على الجدران وفي زوايا
المنازل.
(جاك دي رينيه) مندوب الصليب الأحمر الدولي في القدس شاهد
نساء من بين أفراد العصابات وهن يحملن سكاكين ملطخة بالدماء يخرجن من
القرية بعد يومين من وقوع المجزرة، حيث قال بالنص الحرفي: «كان جلّ أفراد
العصابة، سواء الرجال منهم أو النساء، من الأحداث، وبعضهم في سن المراهقة.
كانوا جميعاً مدججين بالسلاح، يحملون المسدسات والرشاشات والقنابل
والسكاكين الطويلة. وكان معظم السكاكين ملطخاً بالدماء. واقتربت مني شابة
وسيمة ذات عينين مجرمتين وأرتني، بتباهٍ، سكينتها التي كانت ما زالت تقطر
دماً. وكان واضحاً أن هذا هو فريق التطهير (أي الإجهاز على الجرحى)، وأنه
كان يقوم بمهمته خير قيام».
القنصل الأمريكي (روبرت مكات): يقول في تقريره للخارجية
الأمريكية: (إن الأطفال كانت تبتر أطرافهم وتكسر ضلوعهم، وإن شارون ارتكب
من المجازر ما يفوق ما ارتكبه هتلر بشاعة، بل وجميع الدكتاتوريين الذين
عرفتهم الإنسانية، إنه كان يجمع الأعضاء التناسلية للأطفال في جعبته وكان
يباهي بها قيادات تنظيم الهاغانا).
شهادات من قلب المجزرة
شهادة حليمة عيد: أخرج الإرهابيون عروساً من القرية مع
عريسها وثلاثين شخصاً آخرين من منازلهم وأطلقوا عليهم الرصاص، وشاهدت
جندياً وهو يمسك شقيقتي صالحة الحامل في شهرها التاسع ويصوب رشاشه إلى
عنقها ثم يفرغ رصاصه في جسدها ثم يتحول بعد ذلك إلى جزار فيمسك سكيناً
ويشق بطنها ويخرج الطفل ويذبحه بسكينه.
شهادة محمد عارف سمور: أمسك الجنود الصهاينة بصبي في
السادسة من عمره اسمه فؤاد فضمت الأم ابنها إلى صدرها فطعنوه، وبقيت تلك
الأم في ما بقي من عمرها مجنونة.
شهادة صافية عطية: لقد شاهدت بعيني حالات اغتصاب متعددة
وكانوا يطعنونهن بعد ذلك ويذبحون الأطفال أيضاً، وقد قام الجنود بانتزاع
الأقراط من آذاننا وشاهدت كيف كانوا يلقون بعض الضحايا في آبار القرية.
وتروي زينب سمّور أن أختها الأسيرة رأت خالها وزوجته وزوجة
ابنه وأطفال العائلة جميعاً قتلى يسبحون في بركة من الدماء ووجدت طفلة
رضيعة ممسكة بثدي أمها باكية، فما كان من الحارس إلا أن صوّب الرشاش إلى
الطفلة وقتلها... وتروي فاطمة (أم صفية) أنه عندما أسروا الشيخ يوسف أحمد
حميدة (70 عاماً) جذبوه من لحيته وشتموه قبل إعدامه.
هذه ليست الصور الكاملة عن المجزرة المروعة في دير ياسين،
هذا جزء بسيط من تلك الأهوال التي اقترفها الصهاينة والتي أقاموا كيانهم
على أنقاضها. إن هذه العمليات الإجرامية التي مارستها عصابات ليحي وشتيرن
والأرغون والهاغانا مع أبناء قرانا الفلسطينية عام 1948 هي نفسها الأعمال
الإجرامية التي تمارسها اليوم عصابات (العمل والليكود وكاديما) ضد أطفال
ونساء وشيوخ الأهل في غزة..
تقع قرية دير ياسين على بعد كيلومتر واحد إلى الغرب من
مدينة القدس، وترتبط معها بطريق معبدة من الدرجة الثالثة، تحيط بها قرى
القسطل لفتا وقالونيا وعين كارم والمالحة. وتحيط بها المستعمرات اليهودية
من ثلاث جهات من الشرق (بيت فيغانو مونتفيوري) ومن الشمال إلى الشرق
(غفعات شاؤول) ومن الجنوب مستعمرة (يفتوف) ومن الغرب أراضي (موتسا وارزا).
كانت القرية تقع على المنحدرات الشرقية لتلة يبلغ ارتفاعها
نحو 780م، وقد انتشرت بيوتها على السفوح وأحاطت بها الأشجار المثمرة
وأشجار الصنوبر.
كانت مساحة أراضي دير ياسين عام 1945 تبلغ (2857 دونماً) أقيمت القرية على اثني عشر دونماً منها.
دير ياسين ذلك الجرح النازف. دير ياسين ذالك التاريخ
الفارق في القضية الفلسطينية، كنت أتساءل لماذا التركيز وتسليط الضوء على
هذه المجزرة أكثر من غيرها من المجازر. فهناك ما يساويها في عدد الضحايا
كمجزرة الطنطورة. بل هناك من المجازر ما يفوقها في عدد الضحايا مثل مجازر
اللد والرملة والدوايمة، وقد زاد عدد ضحايا كل منها عن 450 ضحية، ولكن
عندما اطلعت على تفاصيل تلك المجزرة ومن الشهادات العربية والصهيونية
ذاتها أدركت لماذا دير ياسين.
المجزرة
صباح يوم الجمعة الواقع فيه 9 نيسان/ أبريل 1948، بعد
الهجوم على قرية القسطل المجاورة واستشهاد القائد عبد القادر الحسيني،
قامت قوات من عصابات الأرغون وشتيرن بتفخيخ بيوت قرية دير ياسين
بالديناميت وهكذا استولوا عليها عن طريق تفجيرها بيتاً بيتاً. وبعد أن
انتهت المتفجرات لديهم قاموا بتمشيط المكان من آخر عناصر المقاومة عن طريق
القنابل والمدافع الرشاشة، حيث كانوا يطلقون النيران على كل ما يتحرك داخل
المنزل من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، بعد ذلك أخذوا يطرقون أبواب البيوت
ويخرجون من بداخلها، واتبع اليهود في ذلك أسلوب الخداع. فقد كانوا يرتدون
الملابس العربية والكوفيات التي يجدونها في أثناء تفتيشهم للبيوت، لكي
يتسللوا إلى مواقع المقاتلين دون أن يشك بهم أحد واقتادوا فريقاً من رجال
القرية ونسائها وأطلقوا عليهم النار فقُتلوا على الفور، كما استخدموا
السلاح الأبيض في اعتداءاتهم، وقد كان معظم الضحايا من الأطفال والنساء
وقد مثل المجرمون بجثث الضحايا تمثيلاً شنيعاً بعد نزع الملابس عنهم.
وانتزعوا الحلي من أيدي النساء وتمكن بعض السكان من الإفلات والتجأوا إلى
القرى العربية المجاورة.
أما من بقي من النساء والأطفال فقد ساقهم المجرمون
واستعملوا معهم الفظاظة المتناهية ووضعوهم في عدد من سيارات الشحن وبينهم
الجرحى وقد نزعوا الملابس عن النساء وطافوا بهن في السيارات في الأحياء
اليهودية حيث اعتدي عليهم من قبل المستوطنين. ومن ثم أُنزلوا عند مدخل (حي
مئاشعاريم) ويقدر عددهم بمئتين كانت حالتهم يرثى لها.
شهادات على المجزرة
أكد مائير باعيل قائد الوحدات الخاصة في (الهاغاناه)،
ليديعوت أحرونوت أنه بعد مغادرة رجال (البلماح) بدأ رجال (الأرغون وشتيرن)
المجزرة، رجال ونساء وأطفال قتلوا دون تردد مصفوفين على الجدران وفي زوايا
المنازل.
(جاك دي رينيه) مندوب الصليب الأحمر الدولي في القدس شاهد
نساء من بين أفراد العصابات وهن يحملن سكاكين ملطخة بالدماء يخرجن من
القرية بعد يومين من وقوع المجزرة، حيث قال بالنص الحرفي: «كان جلّ أفراد
العصابة، سواء الرجال منهم أو النساء، من الأحداث، وبعضهم في سن المراهقة.
كانوا جميعاً مدججين بالسلاح، يحملون المسدسات والرشاشات والقنابل
والسكاكين الطويلة. وكان معظم السكاكين ملطخاً بالدماء. واقتربت مني شابة
وسيمة ذات عينين مجرمتين وأرتني، بتباهٍ، سكينتها التي كانت ما زالت تقطر
دماً. وكان واضحاً أن هذا هو فريق التطهير (أي الإجهاز على الجرحى)، وأنه
كان يقوم بمهمته خير قيام».
القنصل الأمريكي (روبرت مكات): يقول في تقريره للخارجية
الأمريكية: (إن الأطفال كانت تبتر أطرافهم وتكسر ضلوعهم، وإن شارون ارتكب
من المجازر ما يفوق ما ارتكبه هتلر بشاعة، بل وجميع الدكتاتوريين الذين
عرفتهم الإنسانية، إنه كان يجمع الأعضاء التناسلية للأطفال في جعبته وكان
يباهي بها قيادات تنظيم الهاغانا).
شهادات من قلب المجزرة
شهادة حليمة عيد: أخرج الإرهابيون عروساً من القرية مع
عريسها وثلاثين شخصاً آخرين من منازلهم وأطلقوا عليهم الرصاص، وشاهدت
جندياً وهو يمسك شقيقتي صالحة الحامل في شهرها التاسع ويصوب رشاشه إلى
عنقها ثم يفرغ رصاصه في جسدها ثم يتحول بعد ذلك إلى جزار فيمسك سكيناً
ويشق بطنها ويخرج الطفل ويذبحه بسكينه.
شهادة محمد عارف سمور: أمسك الجنود الصهاينة بصبي في
السادسة من عمره اسمه فؤاد فضمت الأم ابنها إلى صدرها فطعنوه، وبقيت تلك
الأم في ما بقي من عمرها مجنونة.
شهادة صافية عطية: لقد شاهدت بعيني حالات اغتصاب متعددة
وكانوا يطعنونهن بعد ذلك ويذبحون الأطفال أيضاً، وقد قام الجنود بانتزاع
الأقراط من آذاننا وشاهدت كيف كانوا يلقون بعض الضحايا في آبار القرية.
وتروي زينب سمّور أن أختها الأسيرة رأت خالها وزوجته وزوجة
ابنه وأطفال العائلة جميعاً قتلى يسبحون في بركة من الدماء ووجدت طفلة
رضيعة ممسكة بثدي أمها باكية، فما كان من الحارس إلا أن صوّب الرشاش إلى
الطفلة وقتلها... وتروي فاطمة (أم صفية) أنه عندما أسروا الشيخ يوسف أحمد
حميدة (70 عاماً) جذبوه من لحيته وشتموه قبل إعدامه.
هذه ليست الصور الكاملة عن المجزرة المروعة في دير ياسين،
هذا جزء بسيط من تلك الأهوال التي اقترفها الصهاينة والتي أقاموا كيانهم
على أنقاضها. إن هذه العمليات الإجرامية التي مارستها عصابات ليحي وشتيرن
والأرغون والهاغانا مع أبناء قرانا الفلسطينية عام 1948 هي نفسها الأعمال
الإجرامية التي تمارسها اليوم عصابات (العمل والليكود وكاديما) ضد أطفال
ونساء وشيوخ الأهل في غزة..