أولاً كل عام و أنتم بخير
الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
فقد أقبلت أيام من خير أيام الله -تعالى-، يضاعف فيها الثواب، وترفع فيها
الدرجات، وتعطى فيها الحسنات، اخبرنا عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-
بقوله: (إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبوب النار، وصفدت
الشياطين) رواه مسلم.
إن نسمات الخير أقبلت بعملها الصالح لطرد لفحات الشر وعملها الطالح إلى الله
لا تتأخر ولا تسوف... سنتعب قليلاً، ولكننا سنرتاح كثيراً -إن شاء الله-.
هيا بنا لنقف بين يدي الله -تعالى- مصلين، لنطهر أنفسنا بالصدقة، لنصالح
قرآننا بقراءته وترتيله بعد أن هجرناه طويلاً. هيا بنا، لنطيع ربنا بغض
البصر عن محارمه. هيا بنا إلى العمل الصالح قبل أن يأتي يوم لا نرى فيه
إلا ما قدمنا من خير أو شر. (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ
مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ
بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ
وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران:30).
أخي في الله: بين يدك بعض أعمال الخير، فليكن لك في كل يوم منها نور تضيء
به كتابك يوم تأخذه بيمينك، ويومئذ تقول: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ
كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ إِنِّي
ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ)
(الحاقة:21).
قال أبو يزيد: (ما زلت أسوق نفسي إلى الله -تعالى- وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك)
وتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب
مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من
مغربها)
توبة جماعية:
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ
تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ
سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا
مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم:8).
التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت معصية بين العبد وبين الله لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
• الإقلاع عن المعصية في الحال.
• الندم على فعلها.
• العزم على عدم العودة إليها.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته، وإن كانت تتعلق بآدمي فشرطها الرابع:
استرضاء صاحب المظلمة، ورد المظالم، وإن كانت غيبة استحله منها، ويجب على
العبد أن يتوب من جميع الذنوب. (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(النور: من الآية31)
للفجر نصيب:
تلك هي الصلاة التي أقسم الله بها فقال: (والفجر وليال عشر). رفع الله بها
المؤمنين فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أهلها: (بَشِّرْ
الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ) صحيح. رواه الترمذي وابن ماجة.
وقال -صلى الله عليه وسلم- (مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ
قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ََتَامَّةٍ
تَامَّةٍ تَامَّةٍ) حسن: رواه الترمذي.
وفضح الله بها المنافقين، فقد عد النبي -صلى الله عليه وسلم- المتخلفين عن صلاة الفجر والعشاء من المنافقين.
ومن الليل فتهجد به
اعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، ولذلك أمر الله نبيه -صلى الله عليه
وسلم- بقيام الليل فقال (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا
قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ
وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (المزمل:4).
قال الحسن البصري عن مقيمي الليل ونور وجوههم: (هؤلاء قوم خلوا بالله
والناس نيام، فألبسهم الله من نوره). فاجعل لنفسك في جوف الليل ركعتين،
وكن أنت العاقل تصلي والناس من حولك نيام، تدعو والناس من حولك غافلون،
وقف بين يدي الله في جوف الليل واسأله يعطك، واستغفره يغفر لك.
مائة مرة:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة). رواه مسلم.
ولا تنس أفضل الذكر:
لا إله إلا الله، عليها نحيا وعليها نموت، اجعلها دائماً على لسانك، فقد
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفضل الذكر لا إله إلا الله)
ومن القرآن لكم زاد:
ومن القرآن تزود بآياته، وانهل من الحكمة والهدى، وخذ من قصصه العبر
والعظات، واتل واحفظ، ولا تمل، ودع الشيطان يصرخ: كفى..كفى، وأنت لا تكف،
فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اقرؤا القرٍآن فإنه يأتي يوم
القيامة شفيعًَا لأصحابه). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يقال لصاحب القرآن
يوم القيامة: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر
آية تقرأها). وقال -صلى الله عليه وسلم-: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
البصر...وما أدراك ما البصر:
غض بصرك عن المحارم تفز بالجنة، لا تنظر إلى امرأة، ولا تترك لبصرك
العنان، فقد قال الله -تعالى- (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ
أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ
اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (النور:30). فالنظرة تحرق كل أخضر في
قلب المؤمن، فهل تترك قلبك يحترق؟؟ وأغلق باب الشهوة، ولا تفتحه، فإنك إن
تفتحه تلجه!! فاحفظ لله يحفظك.
أمسك عليك لسانك:
أخي: لا تتكلم في عورات الناس، ولا تتحدث بعيوب الآخرين، واحذر الغيبة
والنميمة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يستقيم إيمان عبد
حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) فاجعل لسانك رطبًا
بذكر الله، وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً.
إني صائم...إني صائم:
أخي الحبيب..إن سابك أحد، أو شاتمك، فقل له وصية رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: إني صائم، تذكر بها نفسك، وتذكره بها، ولا يكن يوم صومك كيوم فطرك.