الشبهة الآولى : الإسلام انتشر بالسيف
وسفك الدماء
الرد:
لقد كان في بدء
الإسلام القتال محرم حتى على المظلومين من المسلمين ثم جاء الإذن بالقتال لرد
العدوان عن أنفسهم ، قال تعالى :
(أذن للذين
يقاتلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير)
(2)، وكذلك إن ابتداء الكفار بقتال المسلمين ، فلا بد من تحقيق العدل
، والرد بالمثل ولكن دون طغيان واعتداء ،قال تعالى:(وقاتلوا في
سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)
(3).
فاتهام الإسلام بأنه
انتشر بالسيف فهذا ادعاء باطل ، فالإسلام لم يكره
أحداً ، ولم يجبر إنساناً على اعتناقه لأن
الله لا يقبل إسلام المرء إلا إذا كان مصدقاً ومعتقداً بأن الإسلام هو دين الله
الخاتم الذي ينبغي أن يتبعه جميع البشر ، وهذا لا يتأتى لمن يجبر على اعتناق الإسلام فالإكراه ينافي أصل الإيمان ، قال
تعالى :
(لا إكراه
في الدين قد تبين الرشد من الغي)(4).
وما كان من فتوحات
إسلامية لكثير من الدول ليس لإكراه الناس على الإسلام ،وإنما لإزالة منكر
كبير من الأرض هو حكم طاغوت كافر ، حتى يرى الناس الإسلام على حقيقته من دون خوف
ولا إكراه ، يرونه مطبق في البيت وفي السوق وفي المجتمع وفي سائر شؤون الدولة
الإسلامية (دار الإسلام ) ويدل على ذلك أن في الإسلام تشريع (أهل الذمة) وهؤلاء
غير مسلمين رغبوا في العيش في دار الإسلام مع المسلمين على أن يبقوا على دينهم ،
والدولة الإسلامية تجبهم إلى طلبهم وتدخل معهم بعقد يسمى (عقد الذمة)بموجبه يصير
آمناً على نفسه وماله ودمه مع بقائه على دينه ، وفي الغالب يسلم هؤلاء أو الكثير
منهم ، ولو كان الإسلام ينتشر بالسيف لما شرع الإسلام عقد الذمة وآثاره ما ذكرته ،
ثم إن الإكراه في باب العقائد لا يعتبر ولا يريده الإسلام والخلاصة فإن السيف الذي
شهره المسلمون هو لإزالة العقبة عن طريق هداية الإسلام، وذلك بإزالة الحكم الكافر
وقانونه الكافر وطرح الإسلام وعرضه وجهاً لوجه مع أولئك الناس الذين كانوا تحت
سلطات الكفر ولا مجال للإكراه في حمل الناس على الإسلام.
والمسلمون إذ يفعلون
ما ذكرت إنما يقومون به استجابة لأمر الله بإزالة المنكر من الأرض ولتخليص البشر
من رجس الكفر و إيصالهم إلى ما يسعدهم في الدنيا بتطبيق حكم الإسلام عليهم في الدنيا والتسبب في
إدخالهم إلى الجنة إن أسلموا بعد أن هيأ المسلمون لهم الجو المناسب لرؤية الإسلام
ومعرفته عن قرب.
ولكن لكي ينتشر الإسلام وتعرفه جميع الشعوب
وتقوى شوكته فلا بد للحق من قوة تحميه فما بالك بأعظم الحقائق وهو الدين العالمي
والدين الخاتم الذي لا يقبل الله دين من أحد غيره ، قال
تعالى :(ومن يبتغي
غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين
((5)ومع ذلك
فمن مبادئ الإسلام أن يترك الحرية للأفراد في اعتناق الإسلام فمن شاء أن يدخل في
الإسلام ليدخل ومن شاء أن يبقى على دينه بقي عليه ، له حقوقه وعليه واجبات تحفظ له
كرامته في ظل حكم الإسلام .
ثم إننا عندما نستعرض
بعض النصوص التي تلقي الضوء على أسلوب النبيصلى الله عليه وسلم ووصاياه في الحرب ،نجد ما يلي :
1)
لقد كان النبي
rيدعو
المؤمنين على عدم تمني لقاء العدو فكان يقول " لا تتمنوا لقاء العدو ، وإذا
لقيتموه فاصبروا "(6).
2)
لقد كان النبي
r حريصاً على منع القتال حتى بعد أخذ الأهبة
له،فهو يقول لمعاذ بن جبل وقد أرسله إلى اليمن :"لا
تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم قتيلاً ، ثم أروهم ذلك ، وقولوا لهم : هل إلى خير من هذا
من سبيل ؛ فلإن يهدي الله على يديك رجلاً واحداً خير لك
مما من حمر النعم"
(7).
3)
كان رسول الله
r إذا بعث جيوشه أو سراياه
قال لهم :"تألفوا
الناس ولا تغيروا على حي حتى تدعوهم إلى الإسلام فوالذي
نفس محمد بيده ما من أهل بيت من وبر ولا مدر تأتوني بهم مسلمين إلا أحب إلي من أن
تأتوني بنسائهم وأبنائهم وتقتلون رجالهم "(8).
4)
وكان
r يوصي جيشه المحارب بألا يقوم بإتلاف زرع أو قطع شجر أو قتل الضعاف
من الذرية والنساء والرجال الذين ليس لهم رأي في الحرب ولم يشتركوا فيها من قريب
أو من بعيد ومن ذلك قوله :
"
اغزو باسم الله
في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله أغزو ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا
تقتلوا وليدا"(9).
5)
وكان
r ينهى عن المثلة ولو فعلها المشركون مع
المسلمين، قال قتادة:" بلغنا أن النبي
r بعد ذلك كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة"(10).
6)
ويأمر النبي
r بدفن قتلى المشركين ، ولم يترك جثثهم
نهباً لوحوش الأرض وسباع الطير ، كما نهى
r عن الإجهاز على الجرحى .
7)
وكان موقف النبي
r من أعدائه المنهزمين كريماً للغاية ونضرب مثلاً واحداً لهذا
المعنى الإنساني النبيل :
لقد كانت آخر حرب للنبي
r مع قريش هي التي انتهت بفتح مكة للإسلام
والمسلمين
..!
ثم ..ماذا
؟
ثم التقى النبي
r مع هؤلاء الذين آذوه وعادوه واضطهدوا أصحابه وساؤوهم
سوء العذاب ..حتى أن
منهم من مات تحت وطأة العذاب وضراوة الفتنة ...
فماذا قال لهم النبيr ؟
وماذا قالوا له ؟
قال لهم: " ما تظنون أني فاعل بكم؟"
قالوا :
خيراً ، أخُ كريم وابن أخٍ كريم !!
قال لهم : " لا أقول لكم إلا ما قاله أخي يوسف
(لا تثريب
عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)
(11) اذهبوا فأنتم الطلقاء"(12).
وموقفهr من الأسرى ،
موقف رحيم فهو الذي يقول : "استوصوا بالأسرى خيراً"(13).
هذه هي
أسباب الحروب عند المسلمين وهذه بعض مبادئها في الحروب ،